الحب والصداقة
نرى الشيء الجميل أو الشيء الجيد فنجد في أنفسنا صدى انفعالياً لذلك الجمال أو لتلك الجودة، وهذا الشعور النفسي الذي نجده هو الاستحسان، وقد نحس في أنفسنا بعد هذا الشعور انجذاباً رفيقاً أو عنيفاً إلى ذلك الشيء. وهذا الانجذاب هو المحبة، فالاستحسان انفعال النفس عند شعورها بالجمال للنفس إذا شعرت به. والمحبة هي رد ذلك الانفعال والاستحسان دعوة الجمال للنفس إذا شعرت به. والمحبة استجابة النفس لتلك الدعوة.والمحبة في أولى درجاتها ميل إلى الشيء المرغوب، إذا كانت الرغبة فيه لا تكلفتنا أن نتحمل المشاق في تحصيله، فإذا اشتدت الرغبة إليه، وكلفتنا أن نتحمل بعض المشاق سميت "وداً " وإذا بلغت أكثر من ذلك الحد سميت "حباً " وهو أسمى درجات هذا الإحساس. والعرفانيون يتجاوزون في المحبة هذا الحد فيجعلون لها درجات أخرى متفاضلة، ولكل واحدة من هذه الدرجات مراتب متعددة.يقول الفيلسوف : الحب ميل طبيعي إلى المحبوب الملائم، ويقول الاجتماعي : الحب صلة نفسانية متبادلة بين أليفين ورابطة متعادلة بين قلبين، ويقول العارف : الحب قوة خفية تصير المعشوق جزءاً من العاشق. وقد تحيلهما شيئاً واحداً لا يقبل التجزئة. ويقول الأديب : الحب اشراقة الروح على الروح ومصافحة القلب مع القلب.
أما الإمام الصادق عليه السلام فإنه يسميه الإيمان حين يقول : " وهل الإيمان إلا الحب ".
وقد علمنا أن الإيمان الصحيح عند الإمام عليه السلام هو معنى الإنسانية الكاملة. والحديث على وجازته يدلنا على منزلة عظيمة للحب في رأي الإمام الصادق عليه السلام ولكن علينا أن نعرف هذا الحب القدسي الذي يفسر الإمام به الإيمان.